samedi 15 mars 2014

كون


  كون

قال:
"الضياعُ يلازم أَرْوَى ولا أريد لأروى أن تضيعَ.. يجب أن تهتدي أروى الرائعة إلى جوهر الكَلِمِ الطيب... أروى التي انتصرت للنساء فجعلتْ الرجال ينحنون لتقبيل الأيدي التي قطعها جمالُ يوسفَ ذات نبوة." وصمتَ.

توقفتْ أمام سور الحديقة تستعيد أيامها الرائعة.. أيّاما زانها الحلم على مقعد صدق كان الشاهد الوحيد على تلازم الحنان والخوف والأمل.. مقعد لا يزال مهيبا كالعرش ذكر القلب بأمسه فانبثق الأمل. أما امتداد تلك الوعود الجميلة المريحة فبعض ما يشجعها على تصديق الأمل.

قال: " تُرى أتدرك أروى أيَ باب للحياة يفتح الكلم الجميل..؟ لَكَمْ أودُّ أن تدرك حتى تبقى عاشقة الحياة للحياة.. يا ليت أروى تدرك فتبقى."

قالت أروى:
"الحديقة هي الحديقة والمقعد والأشجار، كل ما فيها بقي أخضر حتى الذكريات.. هناك في الركن الأيمن بُنَيَّةٌ يذكّر وجهها بحكايات جميلة لجدتي تتحقق فيها الأماني.. يا ليت الأماني تتحقق.. وجدتي قد تُدهشنا وقد تذهلنا وقد ترعبنا أحيانا لكنها تحقق أمانينا في نهايات حكاياها..
لماذا لا تكون الحياة جدة.؟

دخلتْ أروى الحديقة.. هفتْ نفسها إلى أن تنادي البُنَيَّةَ لتقبل فيها براءة وأملا.. أن تتفاءل بكلمة منها حلوة لكنّ يدها ولسانها انحبسا قبل المرور من العزم إلى الفعل أو هي حبستهما.. ماذا عساها تقول لبنية سابحة في عالم وردي.. في حضن اللعب والحلم والبراءة..؟ أيكفي أن تُهديها كلمة رقيقة أو قبلة سريعة أو ملاطفة عابرة..؟ وقدرت أنّ السعادة انهماك فإخراجها من انسجامها جريمة.

قال:" أروى موجة بحر هادئة.. في زينتها قادمة، للشاطئ الخلاب ترنو والعين حالمة، يطمئنها رحب الفضاء واتساع المدى والنّوارس اللاهية."

قالت:"يهزني النسيم إلى الشاطئ محبوب الأبد، أضمه فيعزفني الشبق زبدا.. ألا مفر من صدام الصّخر وقصم الظهر ليبقى للقلب حلم يدركه فيعيشه؟"

قال:" بحر يهيج من أجلي وآخر من أجلها.. من أين الطرق إلى السواحل الآمنة..؟ إلى مملكة فيها الجن يشفي أو جزيرة فيها زهرة اللوتس تُنسي أو جبل فيه قطوف الخلاص دانية.. يا بُعد ما بيني وبين الأمل.. يا أنا المسجون في حب امرأة تقتل قلبها ولا تدري."

قالت:" أحمر شفتي على خده.. يشي بقبلة غافلة عابرة.. في أمسيات الشتاء الباردة ولا أنبّهُهُ إلى ختمي حتى لا يسرقه مني شارع أو غانية مغامرة."

جلستْ أروى على مقعد الحديقة كما في الأيام الخالية. الأخضر حولها موشى بأحمر وأصفر.. زهرٌ يعبث النحل عليه.. كان كثير الكلام وقد يشكو إليها الغموض أحيانا فتبسم ولا تزيد.

قال:" أريدك حينما أحتاج فهم نفسي لأنك تشبهين المجهول فيّ.. قد تكونين نورا في غموضي أو أنت صورته التوأم.. أراك أمامي حلما وألمسك فكرة فأزرع لك المدى أزاهير أرويها بمزن العين وأقول الآن تُقبل كالربيع فينضح وجودنا بهجة وإذا أنت والمجهول فيّ تعزّياني بابتسامة كمجاهل البحور.. ملغزة لم أفقه يوما لها معنى لكني أحسها صادقة جارفة مغرية. هل كل دمع جرى سبيل إلى تفتح البراعم في القلب؟ وهل ستفهمين؟ حين تداهمك أمسيات الشتاء الطويلة وينيخ الدجى ويحكم البرق قبضته على المدى وتزأر الرعود تمتلك المدينة والزمهرير، وتصبحين يا صغيرتي حزينة، تذكرين أيام الهوى وتنشدين مقعدنا في الحديقة زمن الصحو أو عند زجاج النافذة في الليالي العاصفة.
أتراك تفهمين حين تداهمك أمسيات الشتاء الطويلة في ليل ليس له فجر وقسوة يُشهرها الدّهر ووحشة قبر..؟ وهل يجب أن أهدي قلبي إلى كلّ امرأة ليرضى الضّياع.؟"

قالت:"سبى قلبي وأعتق أحلامي فصيّرني كجزيرة تسرّح الطّرف وتستقبل الموج ولكن عاجزة أن تسافر.. جاء ووعد بشجرة الذّهب ثمّ غاب فسرتُ أسأل عن الطّريق إلى الغابة المسحورة ولا ألتفت لأخلّص رجلي التّمثال. وعدني بالكلم الجميل والحكايا في ظلّ الشّجر والسّمر في نور القمر وقال سيأخذني رغبة أو قسرا كقرصان لم يعانق فاتنة دهرا قضاه يصارع الملح والرّياح.. وقال إنّي بداية الخلق وإنّي البعث.. ولكن وجدت نفسي تهيم كإحدى البجعات المتوحشة. كذا يفسّحني في رياض يوشّيها النّدى، ويأخذني إلى أعذب الجداول ويعيدني وهمّي الصّدى أرفض الحبّ إذا كان الكلام فيه كلّ القِرى."

انتبهت أروى إلى بنيّة الحديقة واقفة أمامها تواسيها وقد راعها دمع أروى الهامي." تعالي معي إن لم يكن لك أصدقاء."

كلام كزهر اللّوز ناصع الحرف ملتهب القلب ونظرة صادقة الرّجاء.
قالت أروى:" نعيم هذه الحديقة وأمامي ملاك.. حبيبي لقد آمنتُ مثلك بأنّ اللّفظ بعض المعجزات فإليّ حبيبي نكمل خلقنا بالكلمات."  
       

       

Newer Posts Older Posts