samedi 5 avril 2014

الشخصيّة

   
   
الشخصيّة

ولد صامتا فضربوه ليصرخ، ورفض جسمه النّموّ فحقنوه ليطول ويمتلئ، وكره الدّراسة فعاقبوه ليتعلّم، وأحبّ فامتعضت الفتاة منه رغم بشاعتها. قضى والده حياته مساعد حلاّق لكنّه لم يوفّق في تعلّم الحلاقة رغم تعدّد رؤوس الأيتام وقضت أمّه دنياها بين البخور تحاول شفاء من آمن ببركتها أو ترفع عقيرتها تهدّد من شكّ في قدراتها واستهزأ بأعشابها وجنّها. أحبّ الحياة فقيل له خسئت فقال الموت إذا فقيل له أتظنّ نفسك حيّا.

هكذا أظنّني ابتدأت الحكاية أو هكذا قلت سيكون فسخر هوّ منّي قائلا:"لماذا لا تضيف أنّي أجرب أعرج أقرع أعور كذّاب منافق سفيه أبي عنّين وأمّي زانية ولا تنس أفعالا مثل احدودب وتخنّث وبشع وثقل جسدا وظلاّ وحبّذا لو توشّح ذلك بعبارات مثل عافانا الله من لؤمه وشؤمه غراب البين وبوم الخرائب وشؤم المصائب ودجى الخطوب امرؤ سوء فزّاعة الحقول نتن الإبطين بخر الفم..
قلت:" كفى تهافتا وما قد يقول القارئ إن أنا صوّرتك كما ذكرت؟ أنا فنّان يا هذا وأنت بطل عملي."
قال:"مرحى لفنّ يخرج من حرّك أقصد من حرفك. يصوّر أحدكم بطلة عمله جميلة ذكيّة جذّابة ملاكا. لماذا؟ ليقدّمها إلى قرّائه مومسا يشتهيها الرّجال فقل أ كتّاب أنتم أم قوّادون تقدّمون ما أنجبتم من بناتكم أقصد بنات أفكاركم؟ بل أراكم تتفنّنون في تنويعهنّ لإخراجهنّ فوق التصوّر والعادة فمرحى للفنّ."

قلت:" كأنّك تريد أن نقدّمهنّ متشابهات كالمعلّبات يستعصي أحيانا فتحهنّ."
قال :"احذوا ذلك بل افتحوا أنتم لمن يريد أن يأكل ثمّ ما همّني ما دمت سأكون أحد الآكلين."
قلت:" وكيف ستكون أحدهم؟."
قال:" ألست أحد أبطال عملك وما دمتُ كذلك فلا بدّ أن تشتهي إحداهن وتكون لي وحدي حين تطوى الصّفحات وأرجو أن تعود إلى السّطر حين أبدأ أنا فلا أريد أن يضع أحد قرّائك نفسه مكاني حين تبدأ الخلوة فضع نقطة النّهاية أرجوك لأنّه كذا دأبكم معشر المبدعين.. أليس كذا تسمّون أنفسكم؟ قلتُ كذا دأبكم.. تنظّرون أنتم ويفعل الآخرون وشتّان بين اللذّتين."
قلت:" أعلم أنّك تتميّز غيضا كنار جهنّم لأنّي لم أجعلك الوسيم الجبّار العبقريّ الذي تذوب المرأة لمرآه ويخرّ الحديد بين يديه ويخترق ذهنه حجب الطّلاسم فيبدّدها. أهكذا يجب أن يكون البطل يا..؟"
قال:"نسيتَ اسمي؟"
قلت:"لم أسمك بعد."
قال:"اجعل لي الآن اسما فحتّى الأشياء تحمل أسماء."
قلت:" عزّان من العزّ أو حارب من الحرب أو غافر.."
قال:" لِمَ لا تجعله حويطب أو عنجهة أو هبنّقة أو خشلاف أو عرقوب أو ابن الكلب؟"
قلت:" أمعقول أن أسميك ابن الكلب كن جادّا."
قال:" بل هو عين الجدّ ابن الكلب هو خير أسمائي لأنّي ابنك أنت مادمت  ابن أفكارك."
قلت:" هذا تهريج لا يليق."
قال:" ومن يصوّر الشخصية حتّى تبدو كالمهرّج؟ أليس أنتم يا من تخلقون مسخا وتظنّون أنّكم تصوّرون الإنسان. آه لو كنتُ بطل عمل تامّ لقلت يا شخصيّات الأعمال الفنّية اتّحدوا إنّ المبدعين مسخوا الحياة.. جعلوا شخصيّاتهم لقطاء.. بل آه لو خنقتْ كلّ شخصيّة لقيطة مبدعها قبل أن يُكمل تفاهته لما بقي إلاّ الإنسان ولما بقي في دوائر المعارف وجذاذات المكتبات وكتب الأعلام والتّراجم سوى أسماء مبدعي الإنسان ويا صاحبي توقّف لأنّي كما ترى شخصيّة لقيطة فأنت مبدع فاشل وما قلناه الآن مقلق مرهق فتوقّف لأنّ شيئا داخلي يخبرني أنّي سأخنقك في نهاية العمل."
قلت:" أتوقّف بعد أن قضيت اللّيالي أراك في أحلامي؟"
قال:"أمّا أنا فأراك في كوابيسي فتوقف."
قلت:" سأتوقّف ما أتفه ما قلنا."
قال:" كبرياءٌ هذا ليقال لك بل رائع ما كتبت أم هو ما تراه حقّا؟"       

                   

4 التعليقات:

Mouhiba a dit…

بل رائع فعلا ما كتبت
حوار طريف وقليلون من يدركون أنّه حقيقي

Anonyme a dit…

نصّ ثريّ بالمعاني و متناسق و قوي ... شكرا على متعة القراءة رغم أنّ هذا يتطلّب احتياطا لغزيا و زادا للعبور لمعاني الألفاظ .. شكرا صديقي ,
الحلاّج ...

Unknown a dit…

@Mouhiba
شكرا على التفاعل والتشجيع والتعليق على ما أكتب

Unknown a dit…

@الحلاج
ومثلك من يغوص في المعاني فيفهم المقاصد
شكرا على المرور صديقي

Enregistrer un commentaire

Newer Posts Older Posts